كنت في بلد غير اسلامي و كان قدوم شهر رمضان وشيكاً, لم اكن قد التقيت باي مسلم في تلك البلاد رغم انه قد مضى على قدومي قرابة شهرين او أكثر. في احد الايام سألت سائقي ان كان يعرف بوجود مركز اسلامي في المدينة او موقع اي مسجد هناك, فاخبرني انه يوجد مبنى في وسط المدينة يسمع منه نداء كذلك الذي ينطلق من جوالي بين الحين و الاخر , فطلبت منه اخذي اليه و اخترت ان اذهب في الوقت بين صلاتي المغرب و العشاء عسى ان يكون مسجداً,فاجد من اتحدث اليه ممن قد يمكث بين الصلاتين .

حين وصلنا سعدت جداً, فهاأنا اقف اخيرا امام مسجد, ولجت من البوابه الكبيره الى الفناء, كان المكان خالياً تماماً,ربما كانوا قد انتهوا من الصلاة و مضوا لشؤونهم, و من احد الابواب ظهر رجل يرتدي قميصاً رمادياً و له لحية طويله غزاها الشيب بكثره ,تحدث معي بنبره عنيفه طالباً مني مغادرة المكان فوراً

فقلت له بهدوء اني في بيت الله و لست في بيته ليطردني منه٬ فصمت بذهول ,سألته عن مواقيت الصلاة و كيف يمكنني ان اعرف موعد حلول رمضان هنا

اخبرني ان الهيئة الاسلامية تبعث رسائل للمسلمين هنا لتبلغهم فور رؤية هلالي رمضان وشوال, وان كنت ارغب بذلك فيمكنني اعطاؤه رقم هاتفي ليظيفني الى تلك المجموعه. اعطيته رقمي و هممت بالمغادرة فنظر الى وجهي مباشرة معتذرا عن تصرفه السابق قائلا بأنه تصرف هكذا لان المسجد طاهر و لا يجوز دخول النساء اليه

فقلت له ان الاسلام لم يعتبر المراءه نجس و المسجد ليس محرم عليها كالمعبد اليهودي, و لذا فإن من حق النساء دخول المسجد و الصلاة فيه. ثم ودعته و غادرت

في صباح اليوم التالي اتصل بي رقم مجهول, كانت المتصلة امراءة عرفت نفسها باسم صفية و قالت بانها زوجة امام المسجد الذي التقيته الليلة الماضية, كان حديثها عذباً يوحي بالراحه دعتني للعشاء في منزلهم فقبلت

حين وصلت الى الطابق الذي تقع فيه شقتها كانت طفلتها ذات العشر سنوات في استقبالي امام الباب و سألتني ان كنت انا الضيفة المرتقبة فرددت بالايجاب, فتحت صفية الباب كانت امراءة بيضاء تبدو من عرق مغاير لزوجها الذي كان يبدو من اصول باكستانية

استقبلتني بحرارة و دعتني الى غرفة الجلوس, كان كل شيء يوحي بالراحة و الدفيء, جلست امام و هي تنظر لي باسمة ثم قالت غريب اشعر و كأني اعرفك منذ سنوات

لم استغرب ماقالته فقد كنت اشعر بذلك ايضاً

اعتذرت عن اتصالها بي و قالت بان زوجها عاد البارحه من المسجد و هو يقول انه وجد امراءه هي نسخة اخرى منها في صلابتها و عنادها و دفاعها عن حقها, تحدثنا لساعات و ساعات عرفت انها كانت مسيحية و انها تعرفت على زوجها حين كانا يعملان معاً في احدى الشركات و انها كانت تسأله كثيراً عن دينه و انها قضت ثلاثة اعوام و هي تقرأ و تبحث في امر هذا الدين حتى اعتنقته عن قناعة و من ثم تزوجت من هذا الرجل الذي كان كما قالت غريب في امانته و صدقه و تواضعه

اعتدت بعد ذاك على زيارتها كثيراً , كانت هي و اسرتها اهلا لي في الغربة, وجودهم كان يهون الكثير علي ، و كان زوجها ينظم الينا في كثير من الامسيات و ان كان يصر دائماً ان يحادثني من خلف الفاصل فلا اراه و لا يراني.

اتذكر في احدى المرات انها قالت لي بان زوجها هو من اختار لها اسم صفيه حين اعتنقت الاسلام فاستغربت الامر و سألته عن سبب اختياره لهذا الاسم, فقال انه اسم زوجة رسول الله التي لم تكن مسلمة فاسلمته حين تزوجت من رسولنا الكريم

فعاتبته قائلة انه كان الاجدر به اذن ان يسميها ماريا تيمنا بامنا ماريا التي كانت نصرانيه, و ذلك الاقرب لحال زوجته

فماكان منه الا ان قال مازحاً مستغيثاً الله :الا يكفي الارض صفية واحدة يارب لتأتي الاخرى